السؤال (1) : فضيلة الشيخ، ما هي الغاية مِن خَلق البشر؟
الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد : فإنه قبل أن أجيب على هذا السؤال ، أحب أن أنبه على قاعدة عامة فيما يخلقه الله عز وجل ، وفيما يشرعه ، وهذه القاعدة مأخوذة من قوله تبارك وتعالى : ( وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(التحريم: 2) ، وقوله : ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)(الأحزاب: 1) ، وغيرهما من الآيات الكثيرة الدالة على إثبات الحكمة لله عز وجل ، فيما يخلقه ، وفيما يشرعه ، أي في أحكامه الكونية والشرعية ، فإنه ما من شيء يخلقه الله عز وجل إلا وله حكمة ، وسواء كان ذلك في إيجاده أو إعدامه ، وما من شيء يشرعه الله سبحانه وتعالى إلا لحكمة ، سواء كان ذلك في إيجابه ، أو تحريمه ، أو إباحته.
لكن هذه الحكم التي يتضمنها حكمه الكوني والشرعي ، قد تكون معلومة لنا ، وقد تكون مجهولة ، وقد تكون معلومة لبعض الناس دون بعض ، حسب ما يأتيهم الله سبحانه وتعالى من العلم والفهم إذا تقرر هذا فإننا نقول : إن الله سبحانه وتعالى خلق الجن والإنس لحكمة عظيمة ، وغاية حميدة، وهي عبادته تبارك وتعالى .
كما قال الله سبحانه وتعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، وقال تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115) ، وقال تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (القيامة:36)، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن لله تعالى حكمة بالغة في خلق الجن والإنس ، وهي عبادته.
والعبادة هي التذلل لله عز وجل ، محبة ، وتعظيماً بفعل أوامره ، واجتناب نواهيه ، على الوجه الذي جاءت به شرائعه ، قال الله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ )(البينة: 5) فهذه هي الحكمة من خلق الجن والإنس ، وعلى هذا فمن تمرد على ربه ، واستكبر عن عبادته ، فإنه يكون نابذاً لهذه الحكمة التي خلق العباد من أجلها ، وفعله يشهد بأن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق عبثاً وسدى ، وهو وإن لم يصرح بذلك ، لكن هذا مقتضى تمرده واستكباره عن طاعة ربه.
السؤال(2): فضيلة الشيخ ، لكن هل للعبادة مفهوم يمكن أن نعرفه ، وهل لها مفهوم عام ، ومفهوم خاص ؟
الجواب : نعم مفهومها العام كما أشرت إليه آنفاً ، بأنها التذلل لله عز وجل محبة وتعظيماً ، بفعل أوامره واجتناب نواهيه ، على الوجه الذي جاءت به شرائعه ، هذا المفهوم العام.
والمفهوم الخاص - أعني تفصيلها - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هي " اسم جامع لكل ما يجبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ، كالخوف ، والخشية ، والتوكل ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، وغير ذلك من شرائع الإسلام".
ثم إن كنت تقصد بمعنى المفهوم الخاص والعام ما ذكره بعض العلماء من أن العبادة إما عبادة كونية ، أو عبادة شرعية ، بمعنى أن الإنسان قد يكون متذللاً لله سبحانه وتعالى تذللا كونيا وتذللاً شرعياً، فالعبادة الكونية عامة ، تشمل المؤمن والكافر ، والبر والفاجر، لقوله تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93) ، فكل ما في السموات والأرض فهو خاضع لله سبحانه وتعالى كوناً ، لا يمكن أبداً أن يضاد الله ، أو يعارضه فيما أراد - سبحانه وتعالى - بالإرادة الكونية.
وأما العبادة الخاصة : وهي العبادة الشرعية ، وهل التذلل لله تعالى شرعاً، فهذه خاصة بالمؤمنين بالله سبحانه وتعالى ، القائمين بأمره ثم إن منها ما هو خاص أخص ، وخاص فوق ذلك .
فالخاص الأخص كعبادة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، مثل قوله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ )(الفرقان: 1)، وقوله (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا)(البقرة: 23) ، وقوله : (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) (ص:45)، وغير ذلك من وصف الرسل عليهم الصلاة والسلام بالعبودية.
السؤال (3): فضيلة الشيخ ، هل يثاب من اختصوا بالعبادة الكونية عن هذه العبادة الشرعية؟
الجواب : هؤلاء لا يثابون عليها ، لأنهم خاضعون لله تعالى شاؤوا أم أبوا فالإنسان يمرض ، ويفقر ، ويفقد محبوبه ، من غير أن يكون مريداً لذلك ، بل هو كاره لذلك ، لكن هذا خضوع لله عز وجل خضوعاً كونياً
الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد : فإنه قبل أن أجيب على هذا السؤال ، أحب أن أنبه على قاعدة عامة فيما يخلقه الله عز وجل ، وفيما يشرعه ، وهذه القاعدة مأخوذة من قوله تبارك وتعالى : ( وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(التحريم: 2) ، وقوله : ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)(الأحزاب: 1) ، وغيرهما من الآيات الكثيرة الدالة على إثبات الحكمة لله عز وجل ، فيما يخلقه ، وفيما يشرعه ، أي في أحكامه الكونية والشرعية ، فإنه ما من شيء يخلقه الله عز وجل إلا وله حكمة ، وسواء كان ذلك في إيجاده أو إعدامه ، وما من شيء يشرعه الله سبحانه وتعالى إلا لحكمة ، سواء كان ذلك في إيجابه ، أو تحريمه ، أو إباحته.
لكن هذه الحكم التي يتضمنها حكمه الكوني والشرعي ، قد تكون معلومة لنا ، وقد تكون مجهولة ، وقد تكون معلومة لبعض الناس دون بعض ، حسب ما يأتيهم الله سبحانه وتعالى من العلم والفهم إذا تقرر هذا فإننا نقول : إن الله سبحانه وتعالى خلق الجن والإنس لحكمة عظيمة ، وغاية حميدة، وهي عبادته تبارك وتعالى .
كما قال الله سبحانه وتعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، وقال تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115) ، وقال تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (القيامة:36)، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن لله تعالى حكمة بالغة في خلق الجن والإنس ، وهي عبادته.
والعبادة هي التذلل لله عز وجل ، محبة ، وتعظيماً بفعل أوامره ، واجتناب نواهيه ، على الوجه الذي جاءت به شرائعه ، قال الله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ )(البينة: 5) فهذه هي الحكمة من خلق الجن والإنس ، وعلى هذا فمن تمرد على ربه ، واستكبر عن عبادته ، فإنه يكون نابذاً لهذه الحكمة التي خلق العباد من أجلها ، وفعله يشهد بأن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق عبثاً وسدى ، وهو وإن لم يصرح بذلك ، لكن هذا مقتضى تمرده واستكباره عن طاعة ربه.
السؤال(2): فضيلة الشيخ ، لكن هل للعبادة مفهوم يمكن أن نعرفه ، وهل لها مفهوم عام ، ومفهوم خاص ؟
الجواب : نعم مفهومها العام كما أشرت إليه آنفاً ، بأنها التذلل لله عز وجل محبة وتعظيماً ، بفعل أوامره واجتناب نواهيه ، على الوجه الذي جاءت به شرائعه ، هذا المفهوم العام.
والمفهوم الخاص - أعني تفصيلها - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هي " اسم جامع لكل ما يجبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ، كالخوف ، والخشية ، والتوكل ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، وغير ذلك من شرائع الإسلام".
ثم إن كنت تقصد بمعنى المفهوم الخاص والعام ما ذكره بعض العلماء من أن العبادة إما عبادة كونية ، أو عبادة شرعية ، بمعنى أن الإنسان قد يكون متذللاً لله سبحانه وتعالى تذللا كونيا وتذللاً شرعياً، فالعبادة الكونية عامة ، تشمل المؤمن والكافر ، والبر والفاجر، لقوله تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93) ، فكل ما في السموات والأرض فهو خاضع لله سبحانه وتعالى كوناً ، لا يمكن أبداً أن يضاد الله ، أو يعارضه فيما أراد - سبحانه وتعالى - بالإرادة الكونية.
وأما العبادة الخاصة : وهي العبادة الشرعية ، وهل التذلل لله تعالى شرعاً، فهذه خاصة بالمؤمنين بالله سبحانه وتعالى ، القائمين بأمره ثم إن منها ما هو خاص أخص ، وخاص فوق ذلك .
فالخاص الأخص كعبادة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، مثل قوله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ )(الفرقان: 1)، وقوله (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا)(البقرة: 23) ، وقوله : (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) (ص:45)، وغير ذلك من وصف الرسل عليهم الصلاة والسلام بالعبودية.
السؤال (3): فضيلة الشيخ ، هل يثاب من اختصوا بالعبادة الكونية عن هذه العبادة الشرعية؟
الجواب : هؤلاء لا يثابون عليها ، لأنهم خاضعون لله تعالى شاؤوا أم أبوا فالإنسان يمرض ، ويفقر ، ويفقد محبوبه ، من غير أن يكون مريداً لذلك ، بل هو كاره لذلك ، لكن هذا خضوع لله عز وجل خضوعاً كونياً