السؤال (310 ) فضيلة الشيخ ، هل ينطبق هذا الحكم على الضحايا أيضاَ؟
الجواب : نعم ينطبق على الأضحية ما ينطبق على الهدي ؛ لأن الأضحية المشروع أن تكون في مكان المضحي ؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ذبح أضحيته في بلده ، وبين أصحابه ، حيث كان يخرج بها إلى المصلى فيذبحها هناك ؛ إظهار لشعائر الله عز وجل ، والدعوة إلى أن تؤخذ الدراهم من الناس ، وتذبح الضحايا في أماكن بعيدة دعوة إلى تحطيم هذه الشعيرة وخفائها على المسلمين ؛ لأن الناس إذا نقلوا ضحاياهم إلى أماكن أخرى لم تظهر الشعائر ـ الأضاحي ـ في البلاد ، وأظلمت البلاد من الأضاحي ، مع أنها من شعائر الله عز وجل .
ويفوت بذلك :
أولا : مباشرة المضحي لذبح أضحيته بنفسه ؛ فإن هذا هو الأفضل ، والسنة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه كان يذبح أضحيته بيده عليه الصلاة والسلام .
ثانيا : يفوت بذلك سنية الأكل منها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأكل من الأضاحي ، كما أمر الله بذلك في قوله : ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)(الحج: 28) ؛ فإن هذا أمر بالأكل من كل ذبيحة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل ، ولما أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة ذبح منها ثلاثاً وستين بيده الكريمة ، وأعطى عليا رضي الله عنه الباقي فوكله في ذبحه ، ووكله أيضا في تفريق اللحم ، إلا أنه أمر أن يؤخذ من كل بدنة بضعة ـ أي : قطعة من لحم ـ فجعلت في قدر ، فطبخت ، فأكل من لحمها وشرب من مرقها(301) ؛ وهذا يدل على تأكد أكل الإنسان مما أهداه من الذبائح ، وكذلك مما ضحى به .
نحن نقول : إنه لا يجوز التوكيل ، أن يوكل الإنسان من يذبح أضحيته ، لكن لابد أن تكون الأضحية عنده وفي بيته أو في بلده على الأقل ، يشاهدها ويأكل منها ، وتظهر بها شعائر الدين .
وليعلم أنه ليس المقصود من الأضاحي المادة البحته وهي اللحم فإن الله تعالى يقول : (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )(الحج: 37) ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن ذبح قبل الصلاة : (( فإنما هو لحم قدمه لأهله ))(302)، وقال لأبي بردة : (( شاتك شاة لحم ))(303) ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الأضحية وبين اللحم .
وأيضا : فإن العلماء يقولون : لو تصدق بلحم مائة بعير ، فإنه لا يجزئه عن شاة واحدة يضحي بها ؛ وهذا يدل على أن الأضحية يتقرب إلى الله تعالى بذبحها ، قبل أن ينظر إلى منفعة لحمها .